كاتب المقال : رشيد البقالي
موظف بالقطاع العام
من خلال تصفحنا لقانون المسطرة الجنائية وخاصة الفصول ما بين 633 إلى
647، فيمكن لنا أن نعرف الإكراه البدني على أنه إجراء سالب للحرية يُتَّخَذ في حق
شخص موضوع حكم بغرامة أو أداء مصاريف قضائية أو تعويضات على الضرر أو أي أداء آخر
لصالح الخزينة العامة، إلا أنه لم يقم بالوفاء بدينه بعد إنذاره وبدون جدوى. وهو
أيضا يعتبر طريقة للتنفيذ و لا يعتبر عقوبة لإجبار المدين للوفاء بدينه بالزَّجّ
به في السجن.
وهناك من فقهاء القانون من اعتبره مجرد إجراء تهديدي الهدف منه الضغط على المدين
"القادر" أو "المُوسِر" للوفاء بإلتزامه عن طريق حرمانه مؤقتا
من حريته لإجباره على التنفيذ العيني لذلك الإلتزام.
وهناك من ذهب أبعد من ذلك بحيث اعتبره مَساسا بحرية الفرد المدين و أصبح يتنافى وكرامة الإنسان، وبالتالي مخالفا لمبادىء المدنيّة الحديثة التي تنصّ على أن المدين يلتزم في ماله لا في شخصه و أن جزاء الإلتزام هو تعويض وليس عقوبة.
ورغم نهج المشرع المغربي مجموعة من السياسات للحد من هذا التدبير السالب للحرية، فإنه على أرض الواقع نلاحظ مجموعة من الأشخاص وجدوا أنفسهم محتجزين عند بعض دوريات الشرطة أو الدرك الملكي أو بإحدى المطارات أو الفنادق.. بحجة تطبيق مسطرة الإكراه البدني في حقهم.
وطبقا للمادة 203 من مدونة السير فإنه إذا تعذر التعرف على مكان الشخص صاحب شهادة تسجيل المركبة أو في حالة رفضه تلقي التبليغ لإشعاره بالمخالفة أو في حالة عدم أداء الغرامة التصالحية والجزافية في أجل 15 يوما تبتدئ من اليوم الموالي ليوم تبليغ الإشعار.. يُوجّه محضر المخالفة إلى السيد وكيل الملك لدى المحكمة المختصة قصد العمل على تتميم المسطرة.
رغم ما سبق ذكره، إلا أنه هناك جدل واسع حول تهديد مجموعة من المواطنين بالإعتقال في حالة تراكم مخالفات السرعة بالرادار التابث، بحيث تَعرَّض آلاف المواطنين و المواطنات لتنفيذ أحكام قضائية في حقّّهم تقضي بتنفيذ الإكراه البدني عليهم مقابل ما ارتكبوه من مخالفات المرور وخاصة المتعلقة بتجاوز السرعة المسموح بها، والتي تقوم بالتقاطها الرادارات المتبثة على جنبات الطرق الرئيسية.
فمن السهل جدا إذا كنت تملك سيارة مسجلة في إسمك أن تجد نفسك تحت الحراسة النظرية وبدون أيّ إشعار مسبق كباقي المجرمين، بدعوى تنفيذ حكم ضدك يتعلق بالإكراه البدني، بسبب قيامك بمخالفة تتعلق بقانون السير ورفضت أداء قيمتها...
ولكن الواقع أن أغلب المواطنين المعنيّين بهذا الإكراه لم يتوصّلوا بأي إشعار بالمخالفة ولم يتم تبليغهم في أي مرحلة من مراحل مسطرة الدعوى المدنية التي رفعتها ضدهم الوزارة المعنية (التجهيز و النقل)، مع العلم أن تطبيق مسطرة الإكراه البدني يقتضي أن يكون المقرر القضائي المطلوب تنفيذه حائزا لقوة الشيء المقضي به، و بُلِّغَ بصفة قانونية إلى المحكوم عليه وأن يُوَجَّه إنذار إلى هذا الأخير من طرف طالب الإكراه و بدون جدوى رغم مرور 30 يوما، والإدلاء بما يفيد عدم إمكانية التنفيذ على أموال المحكوم عليه مع مراعاة عدم إمكانية التنفيذ على الشخص الذي يدلي بما يتبث عسره وذلك بواسطة شهادة العوز تسلّم للمعني من طرف الوالي أو العامل أو من ينوب عنه، وبشهادة عدم الخضوع للضريبة تُسلّم من طرف مصلحة الضرائب، إضافة إلى موافقة القاضي المُكلَّف بتطبيق العقوبات على تنفيذ الإكراه البدني، أي أن هذه المسطرة تقوم بعد استنفاذ جميع طرق التنفيذ العادية في حق المدين و بدون جدوى ولكن يحب علينا هنا أن نأكّد على سبقيّة إنذاره بصفة قانونية.
للأسف الشديد.. كلّ هذه الإجراءات المسطرية لا تقوم بها الجهات المختصة التي تقدم مجموعة من الدرائع مفادها أن الأشخاص موضوع الإكراه يُغيّرون عناوين إقامتهم دون تحيينها لدى المصالح المعنية، وبالتالي يجد المواطن (المغلوب على أمره) نفسه أمام الأمر الواقع...
وحرصا منه على ضرورة وجود بدائل قانونية لكيفية تحصيل مخالفات السير بعيدا عن الإكراه البدني، خرج السيد رئيس النيابة العامة بمذكرة موجهة للوكلاء العامين للملك بجميع المحاكم الإستئنافية و الإبتدائية يخبرهم فيها بعدم قانونية تنفيذ الإكراه البدني في حقّ المواطنين، و أقرّ فيها كذلك بأن اعتقال المواطنين و تنفيذ الإكراه البدني في حقهم هو في حدّ ذاته مخالف للقانون.
سؤال بريء: في ظل هذا الإعتراف الصريح للنيابة العامة في شأن هذا الأمر، و اعتراف رئيسها بعدم قانونية هذا الإجراء التعسفي.. من يتحمّل مسؤولية سجن و استفزاز و تعطيل مصالح المواطنين الذين سبق وأن حُرّرت في شأنهم العديد من المخالفات المرورية، التي تطورت بعد ذلك إلى أن بلغت مرحلة الإكراه البدني.؟؟؟
وهناك من ذهب أبعد من ذلك بحيث اعتبره مَساسا بحرية الفرد المدين و أصبح يتنافى وكرامة الإنسان، وبالتالي مخالفا لمبادىء المدنيّة الحديثة التي تنصّ على أن المدين يلتزم في ماله لا في شخصه و أن جزاء الإلتزام هو تعويض وليس عقوبة.
ورغم نهج المشرع المغربي مجموعة من السياسات للحد من هذا التدبير السالب للحرية، فإنه على أرض الواقع نلاحظ مجموعة من الأشخاص وجدوا أنفسهم محتجزين عند بعض دوريات الشرطة أو الدرك الملكي أو بإحدى المطارات أو الفنادق.. بحجة تطبيق مسطرة الإكراه البدني في حقهم.
وطبقا للمادة 203 من مدونة السير فإنه إذا تعذر التعرف على مكان الشخص صاحب شهادة تسجيل المركبة أو في حالة رفضه تلقي التبليغ لإشعاره بالمخالفة أو في حالة عدم أداء الغرامة التصالحية والجزافية في أجل 15 يوما تبتدئ من اليوم الموالي ليوم تبليغ الإشعار.. يُوجّه محضر المخالفة إلى السيد وكيل الملك لدى المحكمة المختصة قصد العمل على تتميم المسطرة.
رغم ما سبق ذكره، إلا أنه هناك جدل واسع حول تهديد مجموعة من المواطنين بالإعتقال في حالة تراكم مخالفات السرعة بالرادار التابث، بحيث تَعرَّض آلاف المواطنين و المواطنات لتنفيذ أحكام قضائية في حقّّهم تقضي بتنفيذ الإكراه البدني عليهم مقابل ما ارتكبوه من مخالفات المرور وخاصة المتعلقة بتجاوز السرعة المسموح بها، والتي تقوم بالتقاطها الرادارات المتبثة على جنبات الطرق الرئيسية.
فمن السهل جدا إذا كنت تملك سيارة مسجلة في إسمك أن تجد نفسك تحت الحراسة النظرية وبدون أيّ إشعار مسبق كباقي المجرمين، بدعوى تنفيذ حكم ضدك يتعلق بالإكراه البدني، بسبب قيامك بمخالفة تتعلق بقانون السير ورفضت أداء قيمتها...
ولكن الواقع أن أغلب المواطنين المعنيّين بهذا الإكراه لم يتوصّلوا بأي إشعار بالمخالفة ولم يتم تبليغهم في أي مرحلة من مراحل مسطرة الدعوى المدنية التي رفعتها ضدهم الوزارة المعنية (التجهيز و النقل)، مع العلم أن تطبيق مسطرة الإكراه البدني يقتضي أن يكون المقرر القضائي المطلوب تنفيذه حائزا لقوة الشيء المقضي به، و بُلِّغَ بصفة قانونية إلى المحكوم عليه وأن يُوَجَّه إنذار إلى هذا الأخير من طرف طالب الإكراه و بدون جدوى رغم مرور 30 يوما، والإدلاء بما يفيد عدم إمكانية التنفيذ على أموال المحكوم عليه مع مراعاة عدم إمكانية التنفيذ على الشخص الذي يدلي بما يتبث عسره وذلك بواسطة شهادة العوز تسلّم للمعني من طرف الوالي أو العامل أو من ينوب عنه، وبشهادة عدم الخضوع للضريبة تُسلّم من طرف مصلحة الضرائب، إضافة إلى موافقة القاضي المُكلَّف بتطبيق العقوبات على تنفيذ الإكراه البدني، أي أن هذه المسطرة تقوم بعد استنفاذ جميع طرق التنفيذ العادية في حق المدين و بدون جدوى ولكن يحب علينا هنا أن نأكّد على سبقيّة إنذاره بصفة قانونية.
للأسف الشديد.. كلّ هذه الإجراءات المسطرية لا تقوم بها الجهات المختصة التي تقدم مجموعة من الدرائع مفادها أن الأشخاص موضوع الإكراه يُغيّرون عناوين إقامتهم دون تحيينها لدى المصالح المعنية، وبالتالي يجد المواطن (المغلوب على أمره) نفسه أمام الأمر الواقع...
وحرصا منه على ضرورة وجود بدائل قانونية لكيفية تحصيل مخالفات السير بعيدا عن الإكراه البدني، خرج السيد رئيس النيابة العامة بمذكرة موجهة للوكلاء العامين للملك بجميع المحاكم الإستئنافية و الإبتدائية يخبرهم فيها بعدم قانونية تنفيذ الإكراه البدني في حقّ المواطنين، و أقرّ فيها كذلك بأن اعتقال المواطنين و تنفيذ الإكراه البدني في حقهم هو في حدّ ذاته مخالف للقانون.
سؤال بريء: في ظل هذا الإعتراف الصريح للنيابة العامة في شأن هذا الأمر، و اعتراف رئيسها بعدم قانونية هذا الإجراء التعسفي.. من يتحمّل مسؤولية سجن و استفزاز و تعطيل مصالح المواطنين الذين سبق وأن حُرّرت في شأنهم العديد من المخالفات المرورية، التي تطورت بعد ذلك إلى أن بلغت مرحلة الإكراه البدني.؟؟؟
رشيد البقالي

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق