للعقد طبقا للقواعد العامة اركان وهي الرضا، الأهلية، المحل، السبب. فإذا انعدم احدها لا ينعقد العقد و يكون باطلا بطلانا مطلقا. بالإضافة إلى ركن الشكل في العقود الشكلية.
كما جعل القانون شروطا للرضا و المحل و السبب والأهلية . بحيث إذا لم تتوفر تلك الشروط إختل الركن. ولا ينعقد العقد مع وجود هذا الإختلال.
و يعتبر ركن الأهلية أهم مميز للشخصية القانونية لأنها تسمح للشخص الطبيعي أو حتى الاعتباري بممارسة أي نشاط ما لم يكن مخالفا للقانون أو معرضا لأحد عوارض الأهلية.
مما لا شك فيه هو أن كل شخص مسؤول أمام القانون عن تصرفاته و عن طرق كسب
حقوقه الشرعية و القانونية، و من دون شك أن لكل إنسان تصرفات نافعة له و تصرفات ضارة له، لذا بدا من الضروري معرفة متى يكون الشخص مسؤولا عن كل تصرفاته أكانت ضارة أو نافعة؟ و متى تكون تصرفات الشخص صحيحة؟ و متى تكون التصرفات باطلة؟
كل هذه الأجوبة سوف نتطرق إلى معرفتها من خلال تعرضنا إلى موضوع الأهلية، مفهومها، مناطها واحكامها.
المبحث الأول : مفهوم الأهلية ومناطها.
إذا كان الرضا في ميدان التعاقد ركنا أساسيا ليكون العقد صحيحا منتجا لآثاره القانونية فلابد من أن يكون هذا الرضا خاليا من أي عيب قد يشوبه وأن يصدر من شخص كامل الأهلية.
المطلب الأول : مفهوم الأهلية .
أن موضوع الأهلية يقتضي منا تعريفها وبيان أنواعها أولا، فالمقصود بالأهلية هي أهلية الأداء، لأن أعلية الوجوب تثبت لكل شخص بمجرد ثبوت الشخصية القانونية له، فقد شاءت الأقدار الإلهية أن يمر الإنسان بعدة مراحل في حياته منذ مرحلة الجنين، إلى مرخلة الصبى ثم التمييز فالكهولة فالشيخوخة، إلا أنه قد يتعرض لعوارض وتغيرات خلال مراحل حياته المختلفة تؤثر على سلامة صحته الجسدية والعقلية؛ وبناء على ذلك قد تكون له أهلية وجوب وأعلية أداء، فأهلية الوجوب تثبت لكل شخص؛ في حين أن أهلية الأداء التي تعطي الشخض حق التمتع بالحقوق والقدرة على استعمالها عن طريق التصرف القانوني لا تثبت إلا لحائزي أهلية الأداء.
ولقد عرف الفقهاء في الفقه الإسلامي والشريعة بأنها " صلاحية الشخص لوجوب الحقوق المشروعة له وعليه "
أما القانون الوضعي فقد عرف الأهلية بكونها صلاحية الشخص لكسب الحقوق والتحمل بالالتزامات؛ ومباشرة التصرفات القانونية التي من شأنها أن ترتب له هذا الأمر ام ذلك.
وفي تعريف آخر قيل بأنها صلاحية الشخص لأن تتعلق له حقوقا أو عليه؛ ولأن يباشر بنفسه الأعمال القانونية والقضائية المتعلقة بهذه الحقوق.
ومن ثم وجب علينا أن نميز بين نوعين من الأهلية:
أـ أهلية الوجوب:
وقد عرفها علماء أصول الفقه الإسلامي بأنها صلاحية الإنسان لوجوب الحقوق المشروعة له وعليه، وهذا التعريف لم يختلف عن تعريف القانون الوضعي لأهلية الوجوب، فهي صلاحية الشخص للتمتع بالحقوق وتحمل الواجبات التي يقررها القانون.
فهي صفة تقوم بشخص وتجعله صالحا لأن يتعلق به حق معين، سواء كان هذا الشخص طبيعيا أو اعتباريا، إنما ينظر إليه القانون من ناحية أنه صالح لأن تكون له حقوق وعليه واجبات، فكل شخص قانوني تتوافر فيه أهلية الوجوب وتثبت له هذه الأهلية منذ ولادته، وقد تثبت له قبل الولادة؛ مثل الجنين إلى مماته أو إلى حين تصفية تركته وسداد ديونه.
وعندما تنعدم الشخصية تنعدم معها الأهلية، فعندما يموت الإنسان تنعدم أهلية الوجوب وتنعدم معها شخصيته، وكذلك الشخصية الاعتبارية تنعدم أهليتها مع انعدامها، كتصفية الشركة، أما أهلية الوجوب في م.أ.م " أهلية الوجوب هي صلاحية الشخص لاكتساب الحقوق وتحمل الواجبات التي يحددها القانون، وهي ملازمة له طيلة حياته ولا يمكن حرمانه منها.
ب ـ أهلية الأداء :
وهي صلاحية الشخص لصدور العمل القانوني منه على وجه يعتد به شرعا، أي أنها صلاحية الشخص لمباشرة التصرفات القانونية كالبيع والإيجار والهبة وغيرها من التصرفات القانونية التي يتجه إليها عن إرادته من أجل إحداث أثر قانوني.
أما الوقائع القانونية الأخرى التي تستجد في الكون، فإرادة الشخص لا تتجه إلى إحداث الالتزام أو ترتيب آثاره، فإن القانون متى اعتبر ذلك رتب عليه آثارا قانونية، كالفعل الضار الذي يرتكبه الإنسان وأن محدثه ملتزم بالتعويض سواء قصد ذلك أو لم يقصده، فالتعويض يجب على الشخص أو له دون التعرض لأهليته.
وعليه، فإن هذه الأعمال المادية وأيا كانت صورها يترتب عنها قانونيا آثار لمجرد حدوثها، بغض النظر عن الشخص الذي قام بها، فتكون مصدرا للالتزام سواء عن إرادة أو عن غير غيرها، ولذلك لا يشترط فيها أهلية الأداء.
ولقد عرفت مدونة الأسرة المغربية " أهلية الأداء بكونها صلاحية الشخص لممارسة حقوقه الشخصية والمالية ونفاذ تصرفاته، ويحدد القانون شروط اكتسابها وأسباب نقصانها أو انعدامها.
المطلب الثاني : مناط الأهلية :
وعليه، فمناط الأهلية هو التمييز، لأن الإرادة لا تصدر إلا عن تمييز، فمن كان كامل التمييز، كان كامل الأهلية، ومن نقص تمييزه نقصت أهليته، ومن انعدم تمييزه انعدمت أهليته.
فمن المتعارف عليه أن الأصل في الشخص كمال الأهلية، ومن المبادئ الأساسية أن الإنسان كامل الأهلية إلى أن يثبت عكس ذلك، فمتى بلغ الإنسان ثمانية عشرة سنة شمسية كاملة، توفرت فيه الأهلية.
ولقد جاء في المادة 3 من ق.ل.ع : " الأهلية المدنية للفرد تخضع لقانون أحواله الشخصية، وكل شخص أهل للإلزام والإلتزام ما لم يصرح قانون أحواله الشخصية بغير ذلك".
ومن هنا يتضح أن الأصل هو كمال الأهلية لدى الشخص، بحيث لا يعتبر فاقد الأهلية أو ناقصها إلا بمقتضى القانون، ولما كان الأصل هو كمال الأهلية فإن على من يدعي عدم الأهلية أن يثبت ذلك.
وأحكام الأهلية تخضع في مجملها للنظام العام، حيث تعتبر أحكام الأهلية من النظام العام نفسه، فلا يمكن أن يعطى شخص أهلية غير متوفرة عنده، كما لا يجوز حرمان شخص من أهلية موجودة في الأصل لديه أو الاتفاق على انتقاصها، فكل شيء من ذلك يعد باطلا.
ومن قبيل ذلك مثلا؛ أنه يعتبر باطلا تعهد القاصر الذي يبيع عقارا للمشتري بعدم الطعن في هذا البيع عند بلوغه سن الرشد، وكذلك إذا اتفق شخص راشد مع آخر على النزول عن أهليته في التصرف في ماله كان النزول باطلا.
وتعلق أحكام الأهلية بالنظام العام أمر مسلم به في جميع القوانين دون حاجة إلى صدور تشريع خاص بذلك.
وبخصوص تعدد الأهلية؛ فقد اختلفت التشريعات المقارنة في التعرض لتنظيم أحكام الأهلية، وذلك حسب كل ميدان من الميادين القانونية.
وبما أن الإنسان هو المخاطب الأساسي بهذا القانون، فإنه يخضع تبعا لذلك لتعدد الأهليات:
ـ أهلية الزواج : 18 سنة، المادة 19 من مدونة الأسرة المغربية م.أ.م
ـ أهلية الشغل : 15 سنة، المادة 143 من مدونة الشغل م.ش
ـ أهلية الترشيح للإنتخابات : 23 سنة، المادة 41 من م. الانتخابات.
أهلية التسجيل في اللوائح الانتخابية : 18 سنة، المادة 4 من مدونة الانتخابات.
ـ أهلية ولوج خطة العدالة : 25 سنة، حسب المادة 4 الفقرة 2 من ق.03.16.
المبحث الثاني : أحكام الأهلية وعوارض نقصانها وفقدانها وأثرها على التصرفات القانونية للشخص :
يكون الإنسان الراشد أهلا لمباشرة كافة التصرفات القانونية إذا لم يوجد عارض أو مانع يصيب أهليته فيحول بين كمال أهليته وحقه في مباشرة التصرفات القانونية.
المطلب الأول : أحكام الأهلية، عوارض نقصانها وأثرها على التصرفات القانونية للشخص.
إذا كان مناط الأهلية هو الإدارك أو التمييز فإن إدراك الشخض يتوقف في صغر سنه حتى يبلغ رشده، فالإنسان يمر بأدوار ثلاثة في حياته :
ـ من ولادته حتى سن التمييز.
ـ من سن التمييز إلى سن البلوغ.
ـ من سن البلوغ إلى الموت.
وهناك من أضاف دورا رابعا، وهو دور الجنين قبل الولادة.
ولهذا، كان السن هو الأسلس الذي تتأثر به أهلية الأداء، إلا أنه قد يبلغ الإنسان سن الرشد ولكن يطرأ عليه عارض من عوارض الأهلية التي تؤثر في تمييزه، وبالتالي تؤثر على أهليته، وعليه فإن الأهلية قد تتأثر إما بالسن أو العوارض التي تطرأ عليها فتأدي إلى نقصانها وتأثر تصرفات الإنسان بها.
فبحسب المادة 213 من مدونة الأسرة المغربية، فإن حالات نقصان الأهلية هي ثلاثة أحوال :
حيث قالت : يعتبر ناقص الأهلية :
1 ـ الصغير الذي بلغ سن التمييز ولم يبلغ سن الرشد.
والصغير المميز هو كل شخص بلغ سن الثانية عشرة سنة من عمره، ويعتبر صغيرا مميزا ما لم يبلغ سن الرشد القانوني، وهو ثمانية عشرة سنة شمشية كاملة حسب مدونة الأسرة المغربية.
2 ـ السفيه.
والسفيه هو الشخص الذي يبذر أمواله على غير مقتضى العقل ولا الشرع، جاء في المادة 215 من مدونة الأسرة المغربية " السفيه هو المبذر الذي يصرف ماله فيما لا فائدة فيه فيما يعده العقلاء عبثا بشكل يضر بأسرته وبه.
غير أن السفيه يختلف عن الصغير المميز الذي يعتبر محجورا عليه بطبيعته، بل لابد بالنسبة للسفيه أن يحجر عليه قضائيا، كحالة المجنون وذلك من وقت ثبوت السفه.
والسفه ليس عيبا يلحق الإنسان في عقله، ولكنه ينطوي على عيب يلحق الإنسان في تدبيره.
فالقانون يحجر عليه لمصلحته هو ولمصلحة أسرته ثانية، ولمصلحة ورثته الإحتماليين.
3 ـ المعتوه.
وهو كل شخص قليل الفهم يخلط في كلامه فاسد التدبير ولكنه لا يضرب ولا يشتم كما يفعل المجنون.
لكن العته الذي يذهب بالعقل والتمييز فهو نوع من الجنون الهادئ، فيعتبر في هذه الحالة فاقدا للأهلية.
ومن خلال ما تقدم، فإن الصغير المميز والسفيه والمعتوه يخضعون لأحكام النيابة الشرعية حسب المادة 211 من مدونة الأسرة المغربية : " يخضع فاقدوا الأهلية وناقصوها بحسب الأحوال لأحكام الولاية أو الوصاية أو التقديم بالشروط؛ ووفقا للقواعد المقررة في هذه المدونة " .
إلا أن الصغير المميز يعتبر ناقص الأهلية حكما، أما السفيه والمعتوه فهما كفاقد العقل فلابد من التحجير عليهما بحكم قضائي كما تقدم، ويزول عنهما الحجر بزوال أسبابه.
وعليه، فإذا كانت تصرفات فاقد الأهلية كالصغير غير المميز والمجنون تعتبر باطلة بطلانا مطلقا، فإن تصرفات ناقص ناقص الأهلية تختلف بحسب نوع التصرف الذي يجريه ناقص الأهلية، فهي حسب المادة 225 من مدونة الأسرة المغربية ثلاثة أنواع، فقد جاء في هذه المادة : " تخضع تصرفات الصغير المميز للأحكام التالية :
1 ـ تكون نافذة إذا كانت نافعة له نفعا محضا.
2 ـ تكون باطلة إذا كانت مضرة به.
3 ـ يتوقف نفاذها إذا كانت دائرة بين النفع والضرر على إجازة نائبه الشرعي حسب المصلحة الراجحة للمحجور وفي الحدود المخولة لاختصاصات كل نائب شرعي " .
والتصرفات النافعة نفعا محضا هي تلك التي تثري المتصرف أو تبرئ ذمته من الإلتزام دون أن تحمله مقابل ذلك أي تكليف ومثالها قبول الشخص إبراء ذمته من دين عليه، وكقبوله الهبة بدون عوض تصدر له، فمثل هذه التصرفات يجوز لناقص الأهلية أن يباشرها بنفسه، وتعتبر صحيحة ولو جرت بمعزل عن الوصي أو الولي أو المقدم، فقد جاء في المادة 5 من ق.ل.ع : " يجوز للقاصر ولناقص الأهلية أن يجلبا لنفسهما نفعا ولو بغير إذن مساعدة الأب أو الوصي أو المقدم، بمعنى أنه يجوز لهما أن يقبلا الهبة أو أي تبرع آخر من شأنه أن يثريهما أو يبرؤهما من الالتزام دون أن يحملهما أي تكليف " .
أما التصرفات الضارة ضررا محضا فهي تلك التي تحمل المتصرف تكليفا دون كسب أو نفع يجنيه بالمقابل وذلك كالهبة بدون عوض بالنسبة للواهب أو كالإبراء من الدين بالنسبة للدائن، فمثل هذه التصرفات لا يمكن لناقص الأهلية أن يباشرها بنفسه ولو بإذن من نائبه الشرعي، كما أنها تمتنع على هذا الأخير مباشرتها عنه تحت طائلة الإبطال، حسب المادة 225 من مدونة الأسرة المغربية.
أما فيما يخص التصرفات الدائرة بين النفع والضرر وهي تلك التي تقوم على احتمال الكسب أو الخسارة، أي التي لا تؤدي إلى اغتناء محض ولا إلى ضرر محض أو افتقار محض، مثل البيع والمقايضة وغيرهما من التصرفات المشابهة لهما.
فمثل هاته التصرفات يتوقف نفاذها على إجازة النائب الشرعي للقاصر خسب المصلحة الراجحة للمحجور وفي الحدود المخولة لاختصاصات كل نائب شرعي، حسب المادة 225 من مدونة الأسرة المغربية.
والتصرفات الدائرة بين النفع والضرر قد تسمى أعمال تصرف كالبيع والشراء والشركة، وقد تسمى أعمال إدارة، وهي التي يقصد بها استثمار الشيء واستغلاله مع بقائه في ذمة المتصرف كالإيجار.
المطلب الثاني : ( أحكام الأهلية) فقدان الأهلية، عوارضها وآثارها على التصرفات القانونية للشخص.
لقد نصت مدونة الأسرة المغربية في مادتها 217 : على أن فاقد الاهلية يعتبر عديم أهلية الأداء.
1ـ أولا الصغير الذي لم يبلغ سن التمييز بعد.
2 ـ المجنون وفاقد العقل.
فالشخص المصاب بحالة فقدان العقل بكيفية متقطعة كامل الأهلية خلال الفترات التي يؤوب إليها عقله فيها.
مع الإشارة إلى كون الفقدان الإرادي للعقل لا يعفي من المسؤولية.
من خلال النص يتبين أن ثمة حالتين يعتبر فيهما الشخص فاقدا للأهلية، حالة الصغير غير المميز، وحالة المجنون.
فالصغير غير المميزهو الذي لم يبلغ سن الثانية عشرة من عمره، فقد نصت المادة 214 من مدونة الأسرة المغربية، " الصغير المميز هو الذي أتم اثنتي عشرة سنة شمسية كاملة، خلال فمن منطوق هذا النص؛ فإن الصغير غير المميز هو من كانت سنه أقل من اثني عشرة سنة.
أما تصرفات عديمي الأهلية فتقع باطلة بطلانا مطلقا، كيفما كان نوعها، سواء كانت نافعة أو ضارة أو تدور بين النفع والضرر، حسب ما جاء في المادة 224 من مدونة الأسرة المغربية " تصرفات عديم الأهلية باطلة لت تنتج أثرا.
وبالنسبة للمجنون فإن تصرفه الذي صدر عنه قبل الحجر عليه يكون باطلا، إلا إذا شاع عنه أنه مجنون أو كان الطرف الآخر يعلم بذلك أثناء إبرام التصرف.
أما فاقد العقل فليس هو المجنون حسب المادة 217 من مدونة الأسرة المغربية التي أضافت فاقد العقل إلى المجنون باعتباره فاقدا للأعلية، كما أننا نجد أن مدونة الأسرة المغربية في المادة 220 اعتبرت " فاقد العقل والسفيه والمعتوه تحجر عليهم المحكمة بحكم من وقت ثبوت حالتهم بذلك.
غير أنه يمكن القول أن فاقد العقل له ثلاثة أحوال :
1ـ فقدانه للعقل حالة مستمؤة فهو كالمجنون.
2 ـ فقدانه للعقل بصفة متقطعة، فهو يعتبر فاقد الأهلية في الحالات التي يغيب فيها عقله، وكامل الأهلية في حالة إفاقته.
فقد جاء في المادة من م.أ.م : " يعتبر الشخص المصاب بخالة فقدان العقل بكيفية متقطعة كامل الأهلية خلال الفترات التي يؤوب إليه عقله فيها " .
أما في حالة فقدان العقل الإرادي، فيعتبر صاحبه كامل الأهلية، فلا يعفى من المسؤولية حسب الفقرة 3 من المادة 217 من مدونة الأسرة، تقول " الفقدان الإرادي للعقل لا يعفي من المسؤولية " .
وهذا ما أكده الفصل 93 من ق.ل.ع " السكر إذا كان اختياريا لا يحول دون المسؤولية المدنية في الالتزامات الناشئة عن الجرائم وأشباه الجرائم، ولا مسؤولية مدنية إذا السكر غير اختياري، وعلى المتابع إثبات هذه الواقعة ".
فمن خلال هذه المادة فمن تناول المخدرات أو شرب الخمر لا يعفى من الالتزامات الناشئة عن الجرائم وأشباه الجرائم، إلا إذا كان اضطراريا بسبب تناول أدوية طبية أو بصفة قهرية.
بخلاف بعض التشريعات العربية كالتشريع التونسي في المادة 58 من مجلة العقود والالتزامات التي اعتبرت السكر سببا يبرر إبطال العقد.
الخاتمــة
وخلاصة القول يمكننا القول عن الأهليتين أن أهلية الوجوب تختلف عن أهلية الأداء ، فكل منهما تقوم على أساس مغاير للأساس الذي تقوم عليه الأخرى مما يمكن معه فصل أهلية الوجوب عن أهلية الأداء فصلاً تاماً ، فأهلية الأداء يفترض لذات قيامها توافر أهلية الوجوب والعكس غير صحيح، فمن الممكن أن تتوافر في الشخص أهلية وجوب كاملة في نفس الوقت يكون فيه معدوم أهلية الأداء كما في الشخص غير المميز مثلاً .
كما تختلف أهلية الوجوب عن أهلية الأداء من حيث المناط, فمناط أهلية الوجوب الحياة وهي تثبت لكل إنسان بمجرد ولادته حياً بغض النظر عن كونه عاقلاً أو غير عاقل صغيراً أم كبيراً, ولا يوجد على هذه الأهلية عوارض ، بينما مناط أهلية الأداء التمييز "العقل" ويوجد على هذه الأهلية عوارض فقد يكون الشخص عديم الأهلية بالرغم من تمتعه بالحياة كحالة المجنون والصبي غير المميز .
وفي ختام هذا العرض اامتواضع يمكننا ان نقول بأن الأهلية نوعان: - أهلية وجوب تثبت للإنسان من وقت ولادته حياً وتبقى معه إلى حين وفاته, أي أنه يكتسب الشخصية القانونية بمجرد ميلاده وتظل لصيقة به حتى مماته، والمقصود بالشخصية القانونية هي تلك التي تعطيه الصلاحية لأن يكتسب الحقوق وأن يتحمل الالتزامات.
- وأهلية أداء تكتسب في وقت لاحق وتمر بعدة مراحل, كما أن الإنسان قد يصاب بعدة عوارض تنقص من أهليته أو تعدمها، مما يترتب على ذلك تعيين القانون لشخص يباشر عنه التصرفات.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق