إن موضوع القانون والحرية واثرهما في تنظيم المجتمع يلقي بظلاله على حقب اولية لجدلية هذه العلاقة ، فحين كان الانسان في البدء الاول يعيش حالة الحرية التامة كما يسميها "لوك" ووجوده في حرية تامة قاده نتيجة لضرورات الحياة عن تخلي عنها لينعم بها ، فالحرية التامة كالفوضى والاختلاف بينهما ، ان الحرية التامة من صنع الطبيعة او البداء الاول او الخليقة الاولى والفوضى من صنع السلوك البشري, واي كان الاختلاف والتشابه بين المفهومين ، فالحرية تبقى سلوكا منضبطا يجد ماهيته في الانضواء ضمن سلوك الجماعة مما يؤشر الى الجدلية المهمة وهي علاقة القانون بالحرية وعلاقة الحرية بالقانون لان القانون يتضمن منذ البدء ادعاء الدفاع عن الحرية والحفاظ عليها وهو منذ البدء ايضا اغتيال الحرية وحبسها ، وهذه الجدلية لابد من التعامل معها بدقة حيث ان تفاعلاتها واثارها مهمة جدا في رسم صورة المجتمع حيث من خلال هذه الجدلية تم اكتشاف القانون ، كمنظم لصورة المجتمع وكباكورة لتنظيم تزاحم المصالح والحريات المختلفة التي تقود لو تركت على سجيتها الى الانهيار التام ، وهذه الحقيقة لم تكن بنت التوقع بقدر ما كانت ابنة التجربة التي اصبح من خلالها القانون "شر لابد منه" ويقصد هنا بالقانون اول مظاهر الانضباط والالتزام والتقيد للمجتمع سواء اكان اموميا او ابويا او قبليا او عشائريا حتى الوصول الى حالة التقنين والتشريع ، ووجود التشريع يعني اهمية وجود الدولة التي يقترن وجودها بالأمن والسلامة والحياة الطبيعية والحرية والمحافظة على الملكية وان تحقيق هذه الاداة لا يتاتى الا في ظل وجود قانون وسلطة وكم اختلفت البشرية في وجهة مصدر القانون والتشريع والسلطة وقد لعب الدين والعرف الاجتماعي دورا كبيرا في صياغة التجذر التاريخي للقانون واسهم في النظريات الثيوقراطية والحق الالهي في الحكم التي مازالت رواسبه موجودة في انظمة الحكم كالنظام الملكي والامبراطوري والاسلامي ، كما ان نضال البشرية في مقارعة الظلم قادها الى اكتشاف انواع اخرى لادارة الحكم وهي الطريقة الديموقراطية مهما اختلف نوع ممارسة السلطة فيها.إن الحريات العامة بالمغرب بوضعها في إطارها السياسي و القانوني و القضائي , نجدها أنها تتخبط في مجموعة من التناقضات و التعقيدات و المنزلقات , مما يجعل وضعها لا يصل إلى المستوى المنشود , و لقد بدأ تقنين الحريات بالمغرب مع دخول الحماية الفرنسية حيث أصدرت سنة 1914 ظهائر تنظم الصحافة و التجمعات , بعد ذلك جاءت ظهائر 1958و ما تلاها من تعديلات لإرساء البناء القانوني للحريات العامة بالمغرب.
إن الحريات العامة بالمغرب تعاني من تعقد العلاقات بين السلط , في النسق السياسي المغربي , وهو ما يؤثر سلبا على وضعية الحريات العامة رغم ما تبدله الدولة من جهود لإبقاء الحريات العامة كوسيلة للمشروعية السياسية من خلال الفصل التاسع عشر .
ان التفعيل الحقيقي لما تضمنة الدستور يستلزم ثقافة شاملة تلقي بالمفاهيم التي تؤسس لان تكون بدلا من القانون خارج دائرة ادارة الدولة كما ان ثقافة القانون ما تزال في مربعها الاول ان القانون قبل ان يكون ثقافة وفهم وتنظير هو تربية واحترام قدمه المساواة بين افراد الوطن الواحد , قد تكون العقبات كبيرة ولكن رهاننا الحقيقي هو الانسان النخبوي المغربي الذي سيخرج من رحم معاناته لا ككائن اسطوري ولكن كجزء من معاناه والآم وهموم , فالقانون يجب ان يكون مفردة في ذاتنا قبل ان يكون اسطرا على الورق لنستطيع ان نحرق والى الابد معاناة شعبنا الباحث عن ذاتة في ذاتة وعن وطنه في وطنه.
وسيم الشابي : طالب باحث في سلك الماستر
المقال يعبر عن موقف صاحبه بالضرورة

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق