مرحبا بكم
recent

معاد الغريب يكتب: الحرب الاقتصادية بين الصين وامريكا، وتأثيرها المحتمل على العالم.

معاد الغريب*
الجزء الاول

بعد ان عاش العالم سنوات صعاب مع الحرب العالمية الثانية، والتي خلفت دمارا كبيرا في البنية التحتية و الاقتصادية للدول المشاركة فيها و غير المشاركة، اضافة الى العدد المهول من القتلى و الجرحى و المفقودين. انتقل العالم مباشرة الى تجربة حرب جديدة فريدة من نوعها سميت بالحرب الباردة، ورغم ان السلاح لم يستعمل الا بنسب قليلة مقارنة مع نسب الحرب العالمية الثانية ، الا ان هذه الحرب خلفت عددا لا يستهان به من الضحايا كنتيجة لحروب هامشية في مناطق مختلفة من العالم. 
بعد هذه العصور المظلمة التي لم تكن مظلمة بالجهل و التخلف، و لكن مظلمة بدخان الرصاص و دماء الجنود و المدنيين، انتقل العالم مباشرة بصورة توحي بان الكائن البشري محب للحرب و الدمار و الهيمنة على الارض ومن عليها، الى عصر سمي بعصر القطبية الواحدة، حيث هيمنة امريكا على العالم و احتلت  المراتب الاولى على جل المستويات، و تحكمت في الدول  و شعوبها و ثرواتها، و تدخلت عسكريا و سياسيا و اقتصاديا في قراراتها.
و لان طبيعة الحياة تفرض التغيير و التبديل و  الصعود السقوط، فان الكثير من الخبراء و المحللين بدأوا بتوقع ما قد تصير اليه القوة والهيمنة الامريكية في السنوات المقبلة، خاصة مع صعود الصين و تنامي قوتها الاقتصادية و التكنولوجية و العسكرية...
صحيح ان الولايات الامريكية المتحدة مازالت تتزعم العالم اقتصاديا و عسكريا و تكنولوجيا و سياسيا بالدرجة الاولى، تليها الصين مباشرة في المرتبة الثانية، وهنا بيت القصيد فنحن لانتحدث عن روسيا و لا عن اي دولة اوربية و انما نتحدث عن الصين، الصين القادمة من بعيد باقتصاد ينمو بشكل خيالي و بنفوذ يتوسع بطريقة تدفع اي محلل للامور الى الجزم بان الصين ستحتل المرتبة الاولى عالميا في القريب العاجل.
ان تراجع الدول الاوربية و روسيا عن الصدارة فتح الباب على مصراعيه امام الصين لتحتل المرتبة الثانية، هذه الصورة المتسمة بالصراع نحو الصدارة خلقت حربا جديدة، حربا تجارية واقتصادية تتخذ من الساحة الاقتصادية مسرحا لها، وسنعرض بعضا من صور هذه الحرب التي من المتوقع ان تتجه نحو حرب عسكرية كالعادة.
اذن هذه التوقعات التي تخلص في النهاية الى تراجع امريكا امام قوة الصين، دفع امريكا الى اتخاذ اجراءات توحي بجدية التهديد الذي تراه قادما من الصين، لنبدأ من الرئيس اوباما الذي كان قد وضع أسيا ضمن اولى اولويات السياسة الخارجية للولايات المتحدة الامريكية، والهدف من  ذلك كان واضحا، الا و هو وضع حد لنفوذ الصيني المتزايد في أسيا و الذي يهدد النفوذ الامريكي هناك.
هذه الحرب الاقتصادية ستعرف تطورا مباشرا و ملحوظا مع  الرئيس دونالد ترامب، حيث بلغت اوجها مع الازمة الجديدة التي خلفها وضع الشركة الصينية الخاصة بالالكترونيات Huawei على القائمة السوداء من قبل ادارة دونالد ترامب، هواوي  التي تشكل تهديدا حقيقيا لامريكا لسببين رئيسيين;  اولهما ان هذه الشركة الصينية تحتل المرتبة الثانية عالميا على لائحة التيليكوم بعد الشركة الكورية الجنوبية سامسونج! و ثانيهما انها متهمة بالتجسس لصالح الحكومة الصينية.
في الاخير نخلص الى ان الازمة بين بكين و واشنطن ستستمر في افراز المزيد من التنافس حول الصدارة و  التطاحن الاقتصادي الذي سيؤدي في النهاية دون ادنى شك الى  اعمال ستتخذ شكلا عسكريا، سيغرق العالم معه في دماء جديدة و ضحايا جدد و مأسي قد لا تخطر على بال احد.


kanounyoun

kanounyoun

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.