مرحبا بكم
recent

وسيم الشابي يكتب : نحو ديناميكية جديدة لتنمية محلية فعالة (مدينة وجدة نموذجا)

تقع مدينة وجدة في أقصى شمال شرق المغرب، ويزيد عدد سكانها عن نصف المليون نسمة، وتقع على مقربة من الحدود المغربية الجزائرية اذ لا تبعد عن المركز الحدودي الجزائري المغربي سوى 14 كم، كما أنها لا تبتعد اكثر من 60 كيلومترا عن البحر الأبيض المتوسط. ينسب تأسيس مدينة وجدة للزعيم "زيري بن عطية" الذي استطاع أن يؤسس مملكة في المغرب الأقصى وكان في صراع مفتوح مع الفاطميين في المغرب الأوسط. في هذه الظروف السياسية الصعبة، فإن زيري بن عطية وحسب أغلب الروايات التاريخية فكر في ضرورة توسيع مملكته و حماية ظهره من كل الأخطار المحدقة به من الناحية الشرقية، لهذا قرر بناء مدينة وجدة في شهر رجب سنة 384 هـ / 994 م. وقد قام بتحصين المدينة عبر إحاطتها بالأسوار العالية والأبواب التي كان يتحكم الحراس في فتحها وإغلاقها. 
فخلال العقدين الأخيرين و مطلع الالفية الثالثة عرفت مدينة وجدة كغيرها من مدن المغرب تحولات وتطورات ملحوظة ،ورغم التطور الإيجابي المسجل في عدة جوانب اقتصادية و عمرانية ، الا ان مدينة وجدة لازالت تعاني من عدة اختلالات اجتماعية كالفقر و البطالة ،حيت ترتبط أسباب هذه المشاكل أساسا بإشكالية التنمية الترابية و بالحكامة،في غياب استراتيجية تراعي الوضع جيو استراتيجي للمدينة.
لا شك أن مسألة التنمية الترابية في مدينة وجدة تعتريها نواقص عديدة ،وهي نتاج تراكمات تاريخية ،فمدينة وجدة تعيش اليوم تحديات كبرى (التحدي المائي،تدني مستوى التشغيل،واستمرار تفشي الفقر ) و ذلك بسبب موقعها الجيو سياسي الغير مستقر الذي تبلورت عنه تداعيات اقتصادية و إجتماعية سلبية وخاصة بعد خنق حركية الحدود منذ سنة 2015.
حيت إن تجربة الجهوية المتقدمة، وان كانت لا تزال فتية، فإنها تجسد للانتقال إلى الديمقراطية ذات البعد التنموي،كون النهضة التنموية التي عرفتها جهة الشرق منذ الخطاب الملكي لـيوم 18 مارس 2003، الذي أسس لمبادرة ملكية لتنمية جهة الشرق ، مكنت من إرساء دعائم تنمية شاملة ومندمجة ومستدامة مزجت بين ما هو اقتصادي واجتماعي وفلاحي وبيئي وثقافي ورياضي وبنيات تحتية وخدمات للقرب ومشاريع همت مجالات مختلفة.
ولعل هذه هي سياسة الاوراش الكبرى التي أعلن عنها رسميا ملك البلاد منذ توليه عرش أسلافه الميامين، و تلكم واحدة من عناوين العناية الملكية السامية بشعبه و بالمغرب ككل
وجدة الألفية، تحولت بفعل رغبة الملك إلى واحدة من المدن المغربية التي لبست ثوب التأهيل و التجديد، و استفادت بفعل العناية الملكية و بمبادرات جليلة من الكثير من المشاريع الكبرى.
إنها المبادرة الملكية لتنمية الجهة الشرقية أولا والتي أعطى انطلاقتها جلالة الملك منذ عشر سنوات، و هي عنوان كبير لسياسة اجتماعية و تنموية و تضامنية، بالإضافة إلى المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
ان الحديث اليوم عن اي تنمية جهوية أو محلية بجهة الشرق بصفة عامة و مدينة وجدة بصفة خاصة يرتبط أساسا بعدة عوامل تكون كفيلة بالتنمية و في مقدمتها العمل على تنزيل القانون التنظيمي 114/14، المتعلق بالجهات، الذي يمكن اعتباره مكسبا مهما في تطوير اللامركزية بالمغرب. ولايمكن تنزيل هذا القانون إلا بإشراك كل الفاعلين من إدارة وطنية، وترابية، ومنتخبين، وجماعات، وأقاليم، وعمالات ، وجهات ، وفاعلين اقتصاديين، العموميون منهم والخواص، والهيئات الاستشارية الجديدة، ومجتمع مدني.
لكن قبل ذلك وجب إعداد برامج بديلة قصد محاربة التهريب الحدودي الذي ساهم و بشكل كبير في ضعف الاقتصاد في مدينة وجدة،
والتهريب بكل أشكاله يضر بالاقتصاد الوطني والأهم من ذلك فهو يدمر العنصر البشري لأن ممارسة هذا العمل يحقق وفرا ماديا سريعا بمجهود أقل وبالتالي يبتعد المهرب عن أي عمل منتج أو حرفة أو حتى تعليم ويسعى لجذب أولاده وأقاربه وأصدقائه للانخراط في هذه العمليات. 
كما تبقى إشكالية التشغيل في مقدمة التحديات المطروحة على صعيد مدينة وجدة ذلك أن نسبة البطالة بجهة الشرق تظل عموما مرتفعة (%17,9) مقابل (%9,9) على الصعيد الوطني ومرتفعة أكثر في المدن وتمس بالأساس فئة الشباب، وحاملو الشهادات منهم.
هذا، ويتدنى معدل الساكنة النشيطة لدى فئة النساء ليصل إلى حوالي (13.2 %) في مقابل ( 25 %) على الصعيد الوطني.
و من أجل تنمية جيدة بمدينة وجدة الغالية وجب الوقوف عند عدة نقاط او توصيات تهم الجوانب الاقتصادية و الاجتماعية ، ويأتي في مقدمتها الانخراط في رؤية استراتيجية تعمل على تطوير الأقطاب الجهوية و خلق التنافسية ، كما أن إعادة النظر في عمل المراكز الجهوية للاستتمار يعد موضوعا ذا أولوية في مدينة وجدة و الجهة الشرقية و ذلك بالمساهمة في بلورت الرأي بشأن المشاريع الاستتمارية لجهة الشرق ذات البعد الاقتصادي،و كذا في إعداد المخططات الجهوية للتنمية و التصاميم الجهوية لإعداد التراب.
خلق مناخ أعمال لجذب الاستتمار الوطني و الدولي ،يشجع المبادرة الخاصة ويسهل انبتاق اقتصاد اجتماعي و تضامني و ذلك بخلق لجنة جهوية لتحسين مناخ العمل ،على غرار اللجنة الوطنية بمشاركة مختلف الفاعلين و المتدخلين من القطاعين العام و الخاص .
كما ان الجهوية المتقدمة هي قبل كل شيء شكل من أشكال المصالحة مع المجال، وإقامة نوع من التوازن بين مختلف جهات المملكة، على اعتبار أنها تشكل إمكانات كبرى لتعميم التنمية والتوزيع العادل للثروة في إطار التضامن بين الجهات،كما 
أن إصلاح الإدارة، وتحديثها، وتطبيق الحكامة المجالية ،يعتبر القاسم المشترك للامركزية وعدم التمركز، و هذا يقتضي أن تسند إلى الإدارة المركزية مهام جديدة وآليات حديثة من أجل قيادة هذه الإصلاحات،و التأكيد على ضرورة تعزيز قدرات الإدارات الترابية وأسلوب عملها وبلورة رؤى وتصور جديد للعلاقات بين الدولة والجماعات الترابية. فالجهة لكي تصبح فاعلا في التنمية ومنتجا للثروة يلزمها تبني مبدأي التعاقد والتدبير التشاركي مع كل الكفاءات المحلية والفاعلين العموميين والخواص والجمعيات المهنية .
كما أن التسريع بتعديل و مناقشة وتيقة « نحو رؤية تنموية جديدة لوجدة الكبرى في أفق 2020″ أصبح أمرا حتميا عن طريق مشاركة الجميع والتنسيق المستمر والمؤطر بين الوزارات والقطاعات المعنية. فانجاز التنمية يقتضي ان يتم التنسيق الكامل، في الزمان والمكان، بين مختلف المتدخلين والفرقاء الذين يشتغلون في الميادين الاقتصادية والاجتماعية حتى يتسنى تلافي هدر الجهود وتجنب تبذير الموارد بغية تحقيق أكبر قدر من الفعالية وتهيئ بيئة متناسقة،
و الإسراع بأجرأة البرامج التعاقدية بين الدولة والجهة، في تفعيل الاختصاصات المشتركة والمنقولة، مع إعطاء الأولوية للمحاور والقطاعات ذات العلاقة بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية وللمشاريع ذات المحتوى المرتفع من حيث فرص الشغل القار واللائق، واعتماد مقاربة جهوية مندمجة في تطوير السياسات العمومية، تتجاوز المنطق العمودي والقطاعي

kanounyoun

kanounyoun

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.